- الصفحة الرئيسية
- مجتمع
- النمو الإقتصادي
[تقرير] ’’لبنان تراث للتذوق‘‘ قيمة باقية يعوّل عليها كنديون لبنانيون

تعدّ الأغذية والمشروبات الصحية البيولوجية شغفا يجتاح العالم بأسره اليوم، ولا تشكل كندا استثناء. إذ يقبل المستهلك الكندي بنهم على السلع الغذائية والمزروعات الشرقية واللبنانية المنتجة بيولوجيا دون الاعتماد على أي مادة صناعية أو كيميائية. في هذا الإطار، تؤكد رئيسة غرفة التجارة والصناعة الكندية اللبنانية ليليان نازار أن الآلة لا تدخل في معظم المنتجات المحلية اللبنانية التي لا زالت تستخدم في غالبيتها الطريقة التقليدية للحفاظ على جودتها الصحية.
الصورة: Radio-Canada / Dib Nicolas
تحت عنوان ’’لبنان، تراث للتذوق‘‘، نُظمت أمسية لتذوق باقة من منتجات بلد الأرز في مقر قنصلية لبنان العامة في مونتريال يوم الجمعة المنصرم. رعت الديبلوماسية اللبنانية هذا الحدث بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة الكندية اللبنانية ومنظمة ’’التجارة العادلة في لبنان‘‘ (Fair Trade Lebanon) غير الحكومية. المنظمون لخصوا أهداف المبادرة بـ ’’الترويج للمنتجات التي تزخر بها أرض لبنان والتعريف بتراث المطبخ اللبناني الغني والمتنوع‘‘، كما نقرأ في البيان الصحفي الصادر عن القنصلية العامة.

جاء في البيان الصحفي للقنصلية اللبنانية في مونتريال ’’استطاع لبنان الصمود في السنوات الأخيرة رغم الأزمات التي يمر بها، بفضل القطاع الخاص ودعم العديد من المبادرات التي تؤمن بإمكانياته، بينها مبادرة BIEEL التي تقودها منظمة ’’التجارة العادلة في لبنان‘‘ والممولة من قبل مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (MEPI) التي تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في زيادة صادراتها‘‘.
الصورة: Radio-Canada / Dib Nicolas
مُدّت المأدبات في أروقة القنصلية الواقعة في وسط مدينة مونتريال وتنوعت عليها الأطباق والمأكولات والحلويات والمشروبات والكحول اللبنانية الصنع، منها ما تم استحضاره من لبنان خصيصا لهذا الحدث والقسم الأكبر كان بصناعة محلية على يد طهاة وصانعي حلوى كنديين لبنانيين. هؤلاء حققوا الشهرة في مجتمع منفتح على اكتشاف كل مذاقات العالم وللمطبخ اللبناني حِظوة عنده منذ بداية الهجرة اللبنانية في نهاية القرن التاسع العاشر.
تؤكد رئيسة غرفة التجارة والصناعة الكندية اللبنانية ليليان نازار أنه لم تكن مونتريال وحدها ممثلة في هذا الحدث فحسب، بل شاركت أيضا شركات تجارية لها فروع في أكثر من مدينة كندية، ’’بينها على سبيل المثال لا الحصر، تقول المتحدثة، محلات ’’أدونيس‘‘ التي تبيع كافة أنواع المنتجات اللبنانية والشرقية‘‘.

أكد قنصل لبنان العام في مونتريال أنطوان عيد على أن كل مبادرة تُعتبر مهمة و ضرورية لإعطاء بصيص أمل وتفاؤل للشعب اللبناني الذي يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
الصورة: Radio-Canada / Dib Nicolas
قنصل لبنان العام في مونتريال أنطوان عيد أكد على ضرورة دعم أبناء الجالية اللبنانية لوطنهم الأم عبر دعم المنتجين اللبنانيين لتخطي ’’واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية غير المسبوقة التي يعاني منها لبنان وشعبه والتي تشلّ كافة القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية‘‘. واعتبر المتحدث أنه ’’في الأوقات الحرجة التي يمر بها لبنان حاليا، فإن كل مبادرة مهمة وضرورية لإعطاء بصيص أمل وتفاؤل لأهل بلد الأرز‘‘.
لدينا مسؤولية تجاه أهل لبنان ونستطيع بالفعل أن نكون جزءا من الحلول، لا سيما من خلال المشاريع مثل مبادرة ’’صحتين‘‘ التي نطلقها اليوم، والتي تروّج للمنتجات والنبيذ اللبناني وتعطيها فرصة فضلى لتجد طريقها إلى مختلف الأسواق الكندية والعالمية.

المشروب الوطني اللبناني بشهرة عالمية العرق الذي لا تكتمل موائد الأفراح إلا به وجرى التقليد أن يرافق هذا المشروب الكحولي طبق الكبة النيّة الشهير في المطبخ اللبناني.
الصورة: Radio-Canada / Dib Nicolas
’’هؤلاء من أبناء الأرز المتعلمين الذين هاجروا أو ليسوا علامة مميزة أنى حلّوا؟‘‘
يجد عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة الكندية اللبنانية أنطوان طيّار ’’أنه بعدما كان لبنان سباقا في العلم والمصارف والسياحة والصحافة والصحة، حيث كانت هذه القطاعات تحدد بالأمس هويته المشرقة والمشرّفة، خسر اليوم للأسف كل هذه المقومات إلا أمرين غير مَحسوسَيْن لا يمكن أن يُقهرا أو يسلبهما أحد منا، جعلنا بهما حضورا قويا للبنان في الأرض قاطبة‘‘، على حد تعبير المتحدث.
كما صدّر لبنان الأبجدية التي أسست لثقافات الشعوب، صدر أيضا أبناء متعلمين يتمتعون بمرونة قصوى في الاندماج في المجتمعات الاغترابية [...] أما السلاح الخفي الثاني للبنان فهو المأكل المشتمل على مجموعة من القيم في الترحاب وحسن الضيافة والكرم والجودة والأصالة والابتكار [...] أنى ذهبنا فإننا نخلق لنا لبنانَ.

يقول العضو في مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة الكندية اللبنانية أنطوان طيّار: ’’في كل بلد من البلدان الـ 60 التي زرتها في حياتي كانت ردة الفعل مماثلة لدى الأشخاص عند ذكر أنني من أصول لبنانية، إن أول ما يأتي إلى ذهنهم هو المأكل اللبناني الذائع الشهرة والصيت‘‘.
الصورة: Radio-Canada / Colette Dargham
’’المطلوب ذهاب وإياب بين كيبيك ولبنان‘‘
مدير المشاريع في منظمة ’’التجارة العادلة في لبنان‘‘ كريستيان كامل أتى خصيصا من بيروت للمشاركة بإطلاق هذه المبادرة التي ’’تحمل انفراجات لنهوض لبنان من كبوته‘‘.
يلاحظ المتحدث الذي عاد إلى لبنان قبل نحو أربع سنوات بعد 30 عاما على وجوده في كندا، عشية تدهور كل شيء في بلده الأم، ’’أن العقلية اللبنانية بدأت تتغير وتصحح عاداتها السيئة‘‘.
يوضح كامل أن اللبناني أدرك اليوم الحاجة الماسة إلى عودة الصناعة التي بها وحدها يُبنى الاقتصاد، ’’هناك حركة صناعية في لبنان اليوم لم نكن نشاهدها قبل أربع سنوات‘‘.

شارك في مبادرة ’’صحتين‘‘ في مونتريال مندوبون عن شركة ’’ألمازا‘‘ (Almaza) اللبنانية لصناعة وإنتاج الجعة التي تأسست عام 1933 وهي من علامات شركة ’’هينيكن‘‘ العالمية لصناعة الجعة.
الصورة: Radio-Canada / Dib Nicolas
كان يرفض الشاب اللبناني العمل في قطاع الصناعة والزراعة ضاربا عرض الحائط الحاجة الماسة إلى اليد العاملة في قطاعات تشكل الركن الأساسي في اقتصادات الدول. أما اليوم فنرى طلبا متزايدا من الشباب على العمل والنهوض من جديد بصناعة لبنانية مبتكرة عالية الجودة.
يجد المتحدث أن الاتكال على القيمة الوحيدة التي لم تتشوه بعد وهي المطبخ اللبناني غير كافٍ، ’’فحتى هذه القيمة الباقية إذا لم نعمل اليوم على المحافظة عليها سينتهي بنا الأمر بخسارتها هي أيضا‘‘.

يقول الكندي اللبناني كريستيان كامل ’’إنه محض صدفة أن تتردى الأحوال في لبنان من الليرة إلى الاقتصاد إلى انفجار مرفأ بيروت إلى جائحة كوفيد-19 إلخ… عندما قررت أن أعود استقر هناك مع عائلتي، لا أعتقد أنني أحمل مسؤولية انهيارٍ كانت يتحضر قبل 30 عاما [...] لعلني ملزم اليوم بتأدية دوري والمشاركة في عملية إعادة النهوض بلبنان‘‘.
الصورة: Radio-Canada / Dib Nicolas
يوضح كريستيان كامل أن مشاريعه بتمويل أميركي تعمل على مد الجسور بين المنتجين اللبنانيين والأسواق العالمية وتقدم منظمة ’’التجارة العادلة‘‘ الأدوات لهؤلاء من أجل أن تضاهي منتجاتهم جودة المنتجات العالمية وتجد لها أسواقا في الخارج‘‘.
’’وجودي اليوم تأكيد على اللحمة والتواصل بين لبنان الانتشار ولبنان المقيم، يضيف المتحدث، لا نريد مطلقا أن يكون الخروج من لبنان إلى كندا من دون عودة وإنني أدعو إلى المحافظة على وتيرة الذهاب والإياب من وإلى لبنان، فكما يحتاج اللبناني المغترب إلى الارتباط الدائم بجذوره وتراثه، يحتاج اللبناني المقيم إلى خبراتنا الكندية للحفاظ على تلك الجذور والتراث‘‘.
’’لدى كندا شهية على المنتجات اللبنانية‘‘
تجد ليليان نازار أن المنتِج اللبناني يقوم بمجهود فردي في التمويل والترويج والتسويق لإنتاجه. وتسعى المبادرة التي تم إطلاقها في مونتريال إلى مد يد العون وفتح الأسواق الكندية له ’’وعندنا ملء الثقة بأن سلعته ستنال في بيت المستهلك الكندي علامة الجودة وتكون بسعر مناسب‘‘، على حد تعبير المتحدثة.

تقول رئيسة غرفة التجارة والصناعة الكندية اللبنانية ليليان نازار ’’إن القطاع العام في لبنان أثبت فشله ولم يبق غير القطاع الخاص لينهض بلبنان‘‘.
الصورة: Radio-Canada / Dib Nicolas
ترِد المنتجات اللبنانية إلى كافة المحال التجارية عبر كندا ولولا جودتها لما استمر استيرادها [...] ولكن في ظلّ الأزمات المتعددة التي يمر بها، فإن لبنان يفتقر إلى القوة الإنتاجية مقصرا في تغطية حاجة الأسواق العالمية. نسعى إلى دعم المنتجات اللبنانية وزيادة إنتاجها وإشهارها في السوق الكندية كما نسعى إلى أن نكون صلة الوصل بين المنتج اللبناني والموزع الكندي.
تؤكد المتحدثة أن قيمة الواردات اللبنانية في كندا تشهد وتيرة تصاعدية منذ أكثر من عشر سنوات. وتشير الإحصائيات كما تقول ’’إلى أن قيمة التبادل التجاري بين لبنان وكندا بلغت أكثر من 192 مليون دولار منذ عام 2019 إلى اليوم، على الرغم من تباطؤ الإنتاج بسبب جائحة كوفيد-19‘‘.
وتُقدر نازار أن التبادل التجاري بين البلدين ارتفع بنسبة 60% منذ العام 2013 حتى الآن.